فهل من الدلائل على استحقاق الله أن يعبد وحده بلا أصحاب ذلك؟ ولا أجد إجابة كافية، فكل ما في داخل الإنسان وحوله وما يعرفه يدل على قيمة عبادة الله. هذا فقط ما نعرفه، فماذا عن ما لا نعرفه في الكون؟ بالإضافة إلى أن الهدف من خلقنا هو العبادة، فلو فكرنا فقط في خلقنا لكان دليلاً كافياً، وفي هذا المقال سنذكر بقية الدلائل على استحقاق الله للعبادة في…

ومن علامات استحقاق الله أن يعبد وحده لا شريك له

والعبادة هي اتباع كل ما قاله الله أو رسوله – صلى الله عليه وسلم -، لا يترك شيئا، ويصدق ما يقال له على يقين راسخ، غير ملتبس بالشك. العبادة على أكمل وجه كما أمر الله تعالى.

وهذه العبادة لا تكون بالعمل فقط، بل باعتقاد القلب، وقول اللسان، ثم الجوارح، وهو عمل الجوارح، وهذه العبادة يجب أن يصاحبها الحب والخضوع لله، وليس ذلك. وما يفعله العبد إلا لأنه شيء يعاقب على تركه.

مع فوضى الحياة وصعوبةها، يمكن أن تصبح العبادة عبئاً على العبد، فيتكاسل أو يفعلها كما يشاء دون أن يعتبر أنها حق من حقوق الله وليست مجرد واجب على العبد، دون أن ينكر ذلك. ويعلم أنه لولا الله ما صلى ولا صام ولا فعل شيئاً مما يحبه الله: فيكون أكثر اهتماماً بالطاعة.

وما يجعلك مهتماً بالعبادة هو الأدلة النفسية والكونية، والدليل هو جمع الدلالة، وهي علامة أو إشارة تدل على شيء ما، مثل نزول الماء من السماء الذي يدل على فصل الشتاء. أننا إذا فكرنا فيهم سنعلم يقيناً أن الله وحده هو المستحق للعبادة؟ الجواب في السطور التالية.

1- الفطرة السليمة

إن خلق الإنسان ناطق عن وحدانية الله ووجوده. كل مولود خلقه الله وفق الإسلام. قال النبي صلى الله عليه وسلم:”لا يوجد طفل لا يولد حسب الطبيعة.” [صحيح البخاري 1358]فهو مخلوق بطبيعته النقية التي تخبره دائمًا وأبدًا، دون تدخل من أحد، أنه عبد الله.

وبالطبيعة التي هي من الدلائل على أن الله وحده هو المستحق للعبادة، لا شريك له، نشير إلى الطبيعة التي لا يسعى العبد إلى تغييرها بالأفكار السامة، وحتى من يسعى إلى تغيير طبيعته لا يستطيع ذلك، و ولتعرف حقيقة مقالي، وصدق كلمتي، انظر إلى أي شخص، حتى لو كان غير مخلص، ماذا يفعل وهو على هذه الحالة، في أشد الحاجة إلى الإنقاذ.

كأنك تغرق في البحر مثلاً: من تستغيث ومن تنتظر غير الله؟ لا أحد، هذا العبد نفسه، ما دام سليمًا في بيته وبين أهله، يسب الله بأقواله وأفعاله، ولكن إذا وقع في أي مشكلة، فلن يتمكن أحد من إنقاذه منها؛ ولا يطلب العون من أحد غير الله.

2- العقل المفكر

خلق الله العقل وأمر بتحكيمه، وأثنى على أولو الفهم أي الحكيمين، وقال في أول سورة الفجر إن فهم القسم في الفجر وما بعده هو لصاحب العقل، لذلك فالعقل يراعيه الشرع والعرف لأنه مصدر أوامر الجسد.

قبل القيام بأي عمل، يخضع الإنسان لعقله للتفكير في أسبابه ونتائجه وعواقبه ومزاياه وعيوبه وكل ما يتعلق به، كل هذا في دقائق معدودة، والعقل الذي هو أحد الأدلة. أن يكون الله وحده، وحده لا شريك له، يفكر في نفسه وما حوله، من خلقني إلا الله؟

نقترح عليك أن تقرأ

من خلق الأرض والسماء والماء والشجر والجبال والشمس والقمر إلا الله؟ فهل من الممكن أن يصدق شخص آخر مثلهم؟ والتفكير في ذلك بالعقل والمنطق يجعل العبد يتيقن أن الذي خلقه هو الله وحده لا شريك له، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يلجأ العبد إلى آخر ليعبده، وما هو السبب الذي يديمه؟ بعيد عنه؟!

3- دليل العناية

ومن أوضح الدلائل على استحقاق الله للعبادة وحده دون أصحابه النظر إلى الكون والتأمل في طبيعة نظامه. تشرق الشمس وتغرب بنفس الطريقة كل يوم، ويأخذ القمر مكانها، وينزل الماء في وقت أو آخر، ولكل نبات موسم ينمو فيه.

إن قوانين الكون وتفاصيله السامية والدقيقة لا يمكن أن تنشأ من فراغ، بل لا بد من وجود خالق يعرفها وينظمها، وهو الله وحده، إذ لا يمكن لأحد غيره أن يخلق الكون بهذا النظام الدقيق.

4- الإحياء والقتل

يولد كل يوم آلاف الأطفال ويموت آلاف الأطفال من مختلف الأعمار. ومن خلقهم وقتلهم؟ بيده سبحانه أحوال عباده وحياتهم، ويتصرف فيها كيف يشاء بحكمته، وإذا كان هو وحده الخالق، فهو أيضاً المستحق للعبادة.

5- إجابة الدعاء

فكم من مرة دعا الناس ربهم فاستجاب لهم بما أرادوا، وكم من مرة دعوه تحت الضغط فاستجاب لهم بأكثر مما رغبوا. ولو أن الله تعالى لا يستحق العبادة فقط، فهل كان يستجيب لهم؟ ومن الدلائل على استحقاق الله أن يعبد وحده لا شريك له استجابته لدعائك.

والعبد هو المستفيد الوحيد من هذه العبادة.

واجتهاد المسلم في عبادة ربه والتقرب إليه بأنواع الطاعات والقربات هو ما يفعله لنفسه. فهو الذي يريد أن يزيل الجهل عن نفسه وينقذه من الهلاك. الله تعالى هو نفسه . يكفي من أفعاله والدليل على ذلك ما يلي:

  • (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه).( [النمل: 40].
  • (ومن يجاهد فإنما يجاهد لنفسه) [العنكبوت: 6].
  • (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلكم).( [الإسراء: 7].
  • (قل لا يبالي بكم ربي لولا دعوتكم) [الفرقان: 77].
  • (ولله ما في السماوات وما في الأرض. ولقد أوصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومنكم أن اتقوا الله فإن لم تؤمنوا فالله ما في العالم والأموات ومن في الأرض جميعا والله دائما كافية، تستحق الثناء.) [النساء: 131].

عبادة الله هي عنوان سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. وفي الدنيا راحتهم وطمأنينتهم ونجاحهم في كل شيء، وفي الآخرة حدائق تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار التي يقيمون فيها. وبدون الرحيل فإن أي إنسان عاقل يضيع ما أعده الله له مقابل التوحيد وعبادة ربه.