من هو أول من تكلم؟ ما هي مراحل تطور تسجيل الحديث؟ إن جمع الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صعب، فكل حديث يأتي بروايات مختلفة ومصطلحات مختلفة لكثرة الصحابة الذين رووا عنه كل ما قاله وفعله، ولكن من خلال ومن الممكن التعرف على أول من كتب الحديث.

من البداية دون أن يتكلم

كتابة الأحاديث هي كتابة كل ما رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل. وهذا هو المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم. وكانت الكتابة أهم ما قام به المسلمون حتى تصل الأحاديث إلينا في عصرنا، فهي تنقل كل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم دون زيادة حرف.

حيث كثرت الأحاديث المكذوبة التي تناقلت وتوارثت ولم يروها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حين أن هناك أكثر من سبعة آلاف ومائتين وخمسة وسبعين حديثا منها أحاديث مكررة مروية . لعدة أشخاص، ولكن العدد بدون التكرار هو أربعة آلاف حديث.

تنطبق الكتابة على موضوع كبير لا يمكن كتابته ببساطة. فالكتابة تقتضي كتابة أمر طويل له جوانب وجوانب عديدة، مثل كتابة القرآن الكريم. هل يمكن الإجابة على سؤال من يأتي أولاً دون أن يتكلم؟ هو ابن شهاب الزهري.

موقف الرسول من تدوين الأحاديث

إذا كان جواب السؤال من أوله دون الحديث؟ هو ابن شهاب الزهري. والجدير بالذكر أن الكتابة بدأت في زمن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وذلك بعد أن نهى عن الكتابة لتمييزها عن القرآن الكريم. عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وليتكلم باسمي ولا لوم عليه، ومن كذب علي متعمدا فليجلس في النار)...
لكنه أجاز كتابة الأحاديث في مواضع مختلفة، كما حدث عندما كتب أبو هريرة خطبته بمكة عندما قتل جزءة رجلا من بني ليث في اليوم الثاني لفتح مكة، وهو أن صلاة الله و عليه السلام قال:
(ويا أهل خزاعة ارفعوا أيديكم لا تقتلوا، فقد كثر القتل إذا كان فيه نفع، وقد قتلتم نفسا أحكمه. ومن قتل بعد مقامى هذا فأهله خير منى. من العالمين إن شئت دم قاتلك وإن شئت حده.).
كما أثنى على الله وأثنى عليه قائلاً:
(أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض. وهي مقدسة عند الله إلى يوم القيامة. ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيه دما. أو عقد شجرة هناك. إذا أذن لأحد في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليقل: أذن الله لرسول ولم يأذن لك، ولكن أذن لي. لمدة ساعة من النهار، وقد عادت حرمتها اليوم كما كانت بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب.).
وكانت هذه الخطبة كالدستور الذي أوضح كثيراً من القوانين والأمور التي تلت الوضع في مكة بعد فتحها على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، فأمر أبو هريرة بكتابتها، ثم سمح أن يكتب الصحابة بعض الأحاديث الأخرى على شرط أن تكون متميزة عن القرآن الكريم. واستخدموا الجلود والعظام والأدوات البدائية التي كانت في حدود قدرتهم في ذلك الوقت.

نقترح عليك أن تقرأ

مراحل تطور المدونة.

وامتنع كثير من الصحابة عن كتابة الأحاديث وتسجيلها رغم إذن الرسول صلى الله عليهم، خوفا من خلطها بالقرآن الكريم. وكان منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان ينوي جمع الأحاديث وكتابتها، لكنه امتنع، بل كان يكتب حديثاً بين الحين والآخر ويرسله إلى عماله ليتأكد من إتقان المسلمين للقرآن الكريم.

كما أن عبد الله بن مسعود كان لا يحب أن يكتب ما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقول رضي الله عنه:
“القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.”
وكان السبب في ذلك هو الخوف من إهمال المسلمين للقرآن والرجوع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد فترة من نزول آخر آية من القرآن الكريم سورة البقرة:
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم تنال كل نفس حقها ولا تظلم.
(281) وكان الصحابة على يقين من أن الناس سيحفظونه ويتقنونه، وبدأوا برواية الأحاديث بهدف كتابتها. منهم علي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري.

وبعد مائة عام من الهجرة، ومضى على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقرب من تسعين عامًا، أمر عمر بن عبد العزيز رسميًا بتسجيل حديث محمد بن شهاب الزهري، وهنا جواب السؤال: من أول من كتب الحديث؟ واستمر هذا حتى منتصف القرن الثاني الميلادي.

وبعد التدوين والترتيب والجمع، كان على يد الربيع بن صبيح وابن جريج بمكة، والأوزاعي بالشام، والليث بن سعد بمصر. وقد نظمه هؤلاء العلماء جميعاً وقسموه إلى أبواب على النحو الذي اتفق عليه الفقهاء، وأضافوا فيه أقوال الصحابة والتابعين وتحليلهم لمختلف الأمور.

وكانت البداية في تدوين الأحاديث أفضل ما فعله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في فترة ولايته، حيث ساعد على إيصال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلادنا الوقت الحاضر.